الإنجيل و الصليب

تأليف : عبد الأحد داوود / ديفيد بنجامين كلداني سابقا

حمل نسخه كامله من الكتاب على جهازك

http://www.ebnmaryam.com/benjameen/RE3.zip

( مدخل تعريفي بالمؤلف )

 


اسمه / هو دافيد بنجامين الكلداني ، كان قسيسا للروم من طائفة الكلدان ، وبعد إسلامه تمسى بعبد الأحد داود .

مولده / ولد عام 1868م ، في أروميا من بلاد فارس ، وتلقى تعليمه الابتدائي في تلك المدينة ، وبين عامي 1886 – 1889م كان أحد موظفي التعليم في إرسالية أساقفة " كانتر بوري " المبعوثة إلى النصارى النسطوريين في بلدته ، وفي عام 1892م أرسل إلى روما حيث تلقى تدريبا منتظما في الدراسات الفلسفية واللاهوتية في كلية " بروبوغاندافيد " وفي عام 1895م تم ترسيمه كاهنا ، وفي هذه الفترة شارك في كتابة سلسلة من المقالات التي تم نشرها في بعض الصحف المتخصصة ، وبعد عودته من روما توقف في إستانبول عام 1895م وأسهم في كتابة ونشر بعض المقالات عن الكنائس الشرقية في الصحف اليومية الإنجليزية والفرنسية .

لم يمكث طويلا في إستانبول بل عاد في نفس العام إلى بلدته ، وانضم إلى إرسالية " لازارست " الفرنسية ، ونشر لأول مرة في تأريخ الإرسالية منشورات فصلية دورية باللغة السريانية ، وبعد ذلك بعامين انتدب من قبل اثنين من رؤساء أساقفة الطائفة الكلدانية في بلده لتمثيل الكاثوليك الشرقيين في مؤتمر " القربان المقدس " الذي عقد في مدينة " باري لو مونيال " في فرنسا ، وفي عام 1898م عاد إلى قريته " ديجالا وافتتح مدرسة بالمجان

وفي عام 1899م أرسلته السلطات الكنسية إلى سالماس ، لتحمل المسئولية ، حيث يوجد نزاعات بين بعض القياديين النصارى هناك ، وفي عام 1900م ألقى موعظة بليغة شهيرة ، حضرها جمع غفير من طائفته وغيرها ، وكان موضوعها ,,

( عصر جديد ورجال جدد ) انتقد فيها تواني بني قومه عن واجبهم الدعوي .


ما هي دوافع إسلامه ؟

يحدثنا المؤلف نفسه في كتبه عن هذه الدوافع ، ومنها :

(1) عناية الله به ، إذ يقول لما سئل : كيف صرت مسلما ؟ كتب : إن اهتدائي للإسلام لا يمكن أن يعزى لأي سبب سوى عناية الله عز وجلب ، وبدون هداية الله فإن كل القراءات والأبحاث ، ومختلف الجهود التي تبذل للوصول لإلى الحقيقة لن تكون مجدية ، واللحظة التي آمنت بها بوحدانية الله ، وبنبيه الكريم صلوات الله عليه ، أصبحت نقطة تحولي نحو السلوك النموذجي المؤمن ) .

(2) ومن الأسباب التي ذكرها أيضا والتي جعلته يعلن عصيانه على الكنيسة ، أنها تطلب من أن يؤمن بالشفاعة بين الله وبين خلقه في عدد من الأمور ، كالشفاعة للخلاص من الجحيم ، وكافتقار البشر إلى الشفيع المطلق بصورة مطلقة ، وأن هذا الشفيع إله تام وإنسان تام ، وأن رهبان الكنيسة أيضا شفعاء مطلقون ، كما تأمره الكنيسة بالتوسل إلى شفعاء لا يمكن حصرهم .

(3) من واقع دراسته لعقيدة الصلب وجد أن القرآن ينكرها والإنجيل المتداول يثبتها ، وكلاهما في الأصل من مصدر واحد ، فمن الطبيعي ألا يكون بينهما اختلاف ، ولكن وقع بينهماالاختلاف والتضاد ، فلا بد من الحكم على أحدهما بالتحريف ، فاستمر في بحثه وتحقيقه لهذه المسألة حتى توصل إلى الحقيقة ، حيث يقول :

( ولقد كانت نتيجة تتبعاتي وتحقيقي أن اقتنعت وأيقنت أن قصة قتل المسيح عليه السلام وصلبه ثم قيامه من بين الأموات قصة خرافية)

(4) اعتقاد النصارى بالتثليث ، وادعاؤهم أن الصفة تسبق الموصوف كان أحد الأسباب التي دعته للخروج من المسيحية .
(5) التقى بعدد من العلماء المسلمين وبعد مواجهات عديدة معهم اقتنع بالإسلام واعتنقه .

انتهى ،،،


أخوكم / الملاك الطائر ( صخرة الخلاص )

فيصل أبو خالد ،،،


مـقـدمـــة


إن قضية صلب المسيح وقتله المدعاة هي من أهم المسائل التي تأصل الخلاف فيها بين الإسلامية والنصرانية .

ولو اعتبرت المسألة المذكورة كواقعة تاريخية لما كان لها من أهمية دينية فقط . لان الكثير من الأنبياء العظام قد ارتحلوا إلى دار البقاء بجريمة القتل ولو كان المسيح صلب وقتل حقيقة لما عد ذلك واقعة فوق العادة ولا شيئاً فوق الإمكان . فقد قتل شهيداً من قبل بأيدي الكفار كل من أرميا ويحي وزكريا وكل مولود يموت ، ولكن كيفية شهادة المسيح وصلبه لم يتناقش فيها بهذا الاعتبار ، فان الصليب في نظر النصارى ومن حيث تمثيله التثليث هو أساس قواعد الدين ، اي ان النصرانية قائمة على الصليب ، فالصليب عندهم مذبح عليه ذبح المعصوم . والصليب في زعمهم أكبر واقعة فجيعة في الكائنات ، والصليب أساس الكنيسة تماماً ، والصليب عماد الإنجيل ، كما أن الصليب في اعتقادهم علامة يوم الحشر فالذي يؤمن به لا يهلك أبداً بل تكون له الحياة الأبدية ... !

يجب أن نوضح هذه العبارات التي تترك علماء الأمة الإسلامية والمتفكرين من أهل الحياد في حيرة .

أساس العقيدة النصرانية ان أبوينا الأولين (آدم وحواء) عليهما السلام لما كانا في جنة عدن فوسوس إليهما إبليس الذي كان في شكل الحية وأغراهما فأكلا من الشجرة المحرمة عليهما فلما عصيا ربهما وارتكبا ما نهى عنه طردا وأخرجا من الجنة المذكورة ، وكانت نتيجة شؤم العصيان أن وصم جميع النوع البشري (بالذنب المغروس (1)) وهكذا كان نسل آدم المتسمم بهذا الذنب مستحقاً لعذاب نار جهنم الأبدي .

إن العدالة الإلهية حكمت على مجموع النوع الآدمي الذي تعدى حدود الشريعة بالهلاك الأبدي ولكن رأفة الله وإحسانه اقتضيا تخليصه وتبرئته ، فالجاني الذي خرق قانون العدالة بارتكابه الجريمة يجب عليه أن يرتق الخرق الذي أحدثه ، فكذلك كان على نوع البشر أيضاً ان يقدم ترضية للقانون الإلهي . فالجاني المحكوم عليه بالموت يمكنه ان يحصل على إرضاء الشريعة بتقديم دم نفسه بالذات أو بفداء من غيره بدلاً عن نفسه .

وإذا كان هلاك بني آدم قانونياً وشرعياً فإن الرحمة الإلهية أوجدت لخلاصهم علاجاً قانونياً أيضاً ، اي ان الله سمح بتضحية كلمته (المسيح) على الصليب كفارة عنهم وهاهي ذي آيات الإنجيل العجيبة تؤيد هذه البيانات التي ذكرناها وتصدقها فمن ذلك قوله :

(لأنه هكذا أحب الله العالم حتى أعطى ابنه الوحيد (*) لكي لا يهلك من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية) (انجيل يوحنا 3 : 16) .

(بل وجدتم خلاصاً بفداء الحمل الخالص من العيب والدنس يعني بالدم الثمين للمسيح (بطرس 19:1) .

إن هذا السر اللاهوتي الذي كان مكتوماً عن كل الأنبياء والصالحين السابقين قد خيل (أو) كأنما كشف للكنيسة بواقعة صلب المسيح ، وان هوية الأقانيم الثلاثة وأسرارها التي كان يجهلها أكابر الأنبياء كإبراهيم وموسى وداود وعيسى عليهم السلام قد صار من مبادئ معلومات كل غلام مسيحي فضلاً عن القسيسين والرهبان .

الصليب كاشف الأسرار اللاهوتية ! ما أغربه من أنموذج لتجليات الأديان ، إن الكنيسة التي تعلن الحرب على الأصنام ، هي بذاتها تعبد صليباً مصنوعاً من معدن أو خشب ، بدعوى أنه كشف سر التثليث ومثله كل النصارى - ما عدا البروتستانت - يرسمون الصليب بأصابعهم الثلاثة الأولى الأمامية على وجوههم وصدورهم ، ويسجدون للثالوث الشريف ويمجدونه قائلين (باسم الآب والابن والروح القدس) (*)

وإن كان أحد العيسويين لا يرسم الصليب على وجهة أو لا يقبل الصليب المصنوع من الخشب أو المعدن ، لا تقبل عبادته ويعد رافضاً ومرتداً لدى كل الكنائس ، وأما البروتستانت فإنهم وإن لم يعبدوا الصليب فإنهم على كل حال معتقدون وقائلون إنه بواسطته انكشف التثليث وألوهية المسيح لنوع البشر .

ما الثالوث ؟ ومن هو ؟ أركان التثليث الإلهية عبارة عن [الآب والابن والروح القدس](1).
فالآب : وهو الأقنوم الأول من الذوات الإلهية ، مع كونه والد الأقنوم الثاني فهو مكوّن الكائنات .
والابن : وهو الأقنوم الثاني مع كونه ولد الأقنوم الأول وإبنه الوحيد فإنه قد خلص العالم من الخطيئة .

وأما ا لروح القدس وهو الأقنوم الثالث ، فإنه يصدر عن ركني التثليث الآخرين بصورة دائمة وأبدية ، ومهمته عبارة عن إعطاء الحياة . إن الأقانيم الثلاثة ليست ثلاثة آلهة ، بل هم يدعون وجود إله واحد ، باعتبار أن الواحد من الثلاثة وأن الثلاثة واحد !

تدعي الكنيسة أن الثالوث الشريف لم يتشكل من ثلاثة آلهة ، ولكنها ما دامت تعترف بوجود نسبة بين الأقانيم ، وان لكل منها صفات وأفعال ليست للآخرين ، فالأقانيم الثلاثة لا يمكن أن تكون إلهاً تاماً لا على الانفراد ولا بالإجتماع ، اي ان (الآب) الوالد ، لا يمكن أن يكون هو الابن ، ولا أن يكون الروح القدس ، وبناء على ذلك لا يمكن أن يكون (الله) إلهاً تاماً، لأنه مقيد بالانضمام إلى الركنين الآخرين ، وهكذا الأقنوم الثاني والثالث .

تقول النصرانية ان في الألوهية أبوة وبنوة ، بيد أنه لا يمكن أن يكون الله أباً وأبناً معاً في وقت واحد ، ويلزم من كونه واحداً ألا يمكن أن يكون أباً لنفسه ، ولا أن يكون ابن نفسه، إذن فلا ريب في أن العقيدة المذكورة قائلة بوجودين مطلقين (أو مستقلين) في الألوهية ، وكذلك الروح القدس الصادر والمنبثق على الدوام من هذين الوجودين المطلقين أو المستقلين (الآب والابن) لما كان ليس أباً ولا ابناً وجب أن يكون له وجود مطلق ثالث (مستقل) والحق يقال ان الفرق شاسع بين معبود النصرانية وبين معبود المسلمين الذي يسبحونه جل جلاله .

ان الأنبياء الذين بلغوا العهد القديم أي التوراة والزبور وكل الكتب العبرانية من الله للناس لم يكن لهم علم ولا خبر عن التثليث البتة ، وبما أن موسى عليه السلام وكافة الأنبياء الكرام المأمورين بتأييد شريعته كانوا مكلفين بالدعوة إلى التوحيد ، لم يعرفوا التثليث البتة ، وكأن الصليب المعزو إلى المسيح هو الذي كشف وأفشى سر وجود هيئة الأقانيم الثلاثة في الألوهية ، وأظهر ان الصليب حمل مذبوح كائن منذ الأزل على عرش اللاهوت في يمين الله قبل تكون كل الكائنات (راجع يوحنا 8:13 وكثيراً من أبواب الكتاب المذكور) فالصليب هو الذي أعلن للعالم انه حين لم يكن في الأزل وجود غير الوجود المطلق (أي واجب الوجود) كان هناك حمل مذبوح (لا مذبوح بايد) جالساً على يمين عظمة الله ولنوضح هذا السر على سبيل الاستطراد .

إن كان قد وجد في الأزل حمل مذبوح على يمين الله ؟ فمن يمكن أن يكون الذابح غير الله ؟ إنه لا يتصور وجود آخر في الأزل غير هذين الموجودين .

المقصود بالحمل الأقنوم الثاني عيسى المسيح الذي ذبح ، والمقصود بالذبح في لسان التوراة والإنجيل أو فى لسان الكنيس والكنيسة هو القربان والفداء لأجل أن يكون كفارة ، وهنا يتحرك سوية ومشتركاً كاهن ذابح ، ومذبوح برىء معصوم ، وجان مجرم قد حصل على البراءة من الخطيئة وبناء على هذا القصد فالكهنة الذين ألفوا و أوجدوا كتابي وحي يوحنا وإنجيله ، أسندوا الخالق الذي تمكنوا من إدراكه إلى الكاهن ذابح الذبائح والقرابين ، وأسندوا الحمل إلى ابنه ، فالله الذي رحم الجنس البشري الذي لم يكن خلقه بعد ، أراد أن يخلصه من الخطيئة التي علم أنه سيغرق فيها ، فذبح ولده المسمى (حملاً) منذ الأزل . ليس بين كل الأديان المعلومة من يصور معبوده بصفة الكهنوت غير الكنيسة ، أي النصارى ، فالآب معبود وهو كاهن ذابح أيضاً ، والابن معبود وكاهن أيضاً .

إن الكاردينال (منينغ) الإنجليزي يبين ويشرح هذه العقيدة العجيبة في كتابه المسمى (كهنوت الأبدية) (1) قائلاً :

لا تخفى أهمية هذا البحث الموجب للحيرة ، فانه إذا لم تكن وفاة المسيح صلباً حقيقة . فحينئذ يكون بناء عقيدة الكنيسة قد هدم من الأساس ، لأنه إذا لم يمت المسيح على الصليب لاتوجد الذبيحة ولا النجاة ولا التثليث ، فهذا هو علم الكلام الذي يسمونه (ثيولوجيا) (2) فبولص والحواريون وجميع الكنائس كلهم يدعون هكذا . أي انه إذا لم يمت المسيح لا تكون قيامة أيضاً الخ .

لقد تتبعت مسئلة صلب المسيح قبل عدة سنين ، ورأيت في هذا الباب ما يستوجب الحيرة، وهو عدم رغبة أحد من علماء المسلمين أو النصارى في كتابة رسالة حول هذا الموضوع . إن القرآن يقول { وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم } (*) وذلك رغم ادعاء كتب الأناجيل تكراراً أن المسيح قتل وصلب .

إن التضاد الصريح الكائن بين هذين الكتابين السماويين اللذين يجب أن يكونا قد نزلا من عند الله وتكذيب أحدهما الآخر لابد وأن سيكون باعثاً للحيرة وموجباً للأسف لأهل كل من الدينين . وحري بالدقة ان نرى الإسلامية تصدق نبوة عيسى عليه السلام وتصدق إنجيله الذي بلغه ، من حيث نرى الكنيسة لا تقبل محمداً عليه الصلاة والسلام رسولاً لاحقاً ولا تصدق القرآن . ومن الأمور الطبيعية أن لا يكذب الكتابان - المقبول إسنادهما إلى مصدر واحد -أحدهما الآخر من الأساس ، وما دام التضاد العظيم ظاهراً بينهما في هذا الباب فلا بد لنا من الحكم على أحدهما بالتحريف لا محالة .

ولقد كانت نتيجة تتبعاتي وتحقيقي أن اقتنعت وأيقنت أن قصة قتل المسيح عليه السلام وصلبه ثم قيامه من بين الأموات قصة خرافية ، وان الأناجيل الأربعة مع كونها ليست تأليف المسيح ذاته لم توجد في زمانه بل وجدت بعد وفاة الحواريين بزمن طويل وأنها وصلت إلينا بحالة محرفة ، وقد لعبت بها الأقلام وبعد هذا كله اضطررت إلى الإيمان والاعتراف من كل عقلي وضميري بأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نبي حق ، ولم أستطع التخلف عن ذلك .

______________________


الفصل الأول : ما هـو الإنجيل ؟؟

 

الفصل الثاني : غرض الإنجيل وموضوعه ( الإسلام ) و ( أحمد )

 

الفصل الثالث : ( أيادوكيا ) بمعنى ( أحمد )

 

الفصل الرابع : الإيضاح القطعي للمعنى الحقيقي للإنجيل

 

الفصل الخامس : حضرة المسيح لم يحرز التوفيق

 

الفصل السادس : غاية الإنجيل

 

الفصل السابع : ملكوت الله يكمل اليهودية

 

الفصل الثامن : ( ملكوت الله ليس النصرانية )

 

الفصل التاسع : إن ملكوت الله هو دين الإسلام وإن كلام الله هو القرآن المجيد

 

الفصل العاشر : الأدلة القطعية على أن العيسوية ليست في ضمن ملكوت الله

 

الفصل الحادي عشر : غرائب وعجائب

 

عودة